الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
قال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: - "توضئي وصلي: وإن قطر الدم على الحصير"، قلت: رواه ابن ماجه في "سننه [في "باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها" ص 46، والطحاوي في "باب المستحاضة كيف تتطهر للصلاة" ص 61، والبيهقي في "باب المستحاضة تغسل عنها أثر الدم" ص 344 - ج 1، والدارقطني في "كتاب الحيض" ص 78، وأحمد في "مسنده" ص 42 - ج 6]" من حديث وكيع عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير عن عائشة، قالت: جاءت فاطمة بنت أبي حبيش إلى النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقالت: يا رسول اللّه إني امرأة أستحاض فلا أطهر، فأدع الصلاة؟ قال: لا، إنما ذلك عرق وليس بالحيضة، اجتنبي الصلاة أيام محيضك، ثم اغتسلي وتوضئي لكل صلاة، وإن قطر الدم على الحصير"، انتهى. ووهم شيخنا علاء الدين في عزوه هذا الحديث لأبي داود مقلدًا لغيره في ذلك، وأبو داود - وإن كان أخرجه - لكن لم يقل فيه: "وإن قطر الدم على الحصير" فليس هو حديث الكتاب، والذي أوقعه في ذلك أن أصحاب "الأطراف" عزوه لأبي داود. وابن ماجه، ومثل هذا لا ينكر على أصحاب "الأطراف" ولا غيرهم من أهل الحديث، لأن وظيفة المحدث أن يبحث عن أصل الحديث، فينظر من خرجه ولا يضره تغير بعض ألفاظه، ولا الزيادة فيه أو النقص، وأما الفقيه فلا يليق به ذلك، لأنه يقصد أن يستدل على حكم مسألة، ولا يتم له هذا إلا بمطابقة الحديث لمقصوده، واللّه أعلم. واعلم أن أبا داود لم ينسب عروة في هذا الحديث، كما نسبه ابن ماجه، وأصحاب "الأطراف" لم يذكروه في "ترجمة عروة بن الزبير" وإنما ذكروه في "ترجمة عروة المزني" معتمدين في ذلك على قول ابن المديني [قول أبي داود في "باب الوضوء من القبلة" ص 27، قال أبو داود. وقد روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثًا صحيحًا، اهـ. يصحح سماعه من عروة بن الزبير، واللّه أعلم]: إن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير، ورواه أحمد. وإسحاق بن راهويه. وبن أبي شيبة. والبزار في "مسانيدهم" ولم ينسبوا عروة، ولكن ابن راهويه. والبزار أخرجاه في "ترجمة عروة بن الزبير" عن عائشة، وفي لفظ لابن أبي شيبة بهذا الإسناد: أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ قال: "تصلي المستحاضة، وإن قطر الدم على الحصير"، انتهى. ورواه الدارقطني في "سننه [ص 78]" وقال عروة بن الزبير في بعض ألفاظه: وضعف الحديث، فقال: زعم سفيان الثوري أن حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير، ثم نقل عن أبي داود السجستاني [كلام أبي داود هذا موجود في "السنن" ص 47] أنه ضعفه بأشياء: منها أن حفص بن غياث رواه عن الأعمش فوقفه على عائشة، وأنكر [يعني "حفصًا".] أن يكون [حديث حبيب.] مرفوعًا، ووقفه أيضًا أسباط بن محمد عن الأعمش على عائشة وبأن الأعمش أيضًا رواه مرفوعًا أوله، وأنكر أن يكون فيه الوضوء عند كل صلاة، وبأن الزهري رواه عن عروة عن عائشة، وقال فيه: فكانت تغتسل لكل صلاة، انتهى. وقال صاحب "التنقيح": رواه الإسماعيلي ورجاله رجال الصحيح، انتهى. وقال الترمذي في "كتاب الحج" من جامعه في "باب ما جاء في عمرة رجب": سمعت محمد بن إسماعيل يقول: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير، انتهى. وقال النسائي في "سننه" في "باب ترك الوضوء من القُبلة": قال يحيى بن القطان: روى حبيب بن أبي ثابت عن عروة عن عائشة حديثين، كلاهما لا شيء: أحدهما: أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ كان يقبِّل بعض نسائه ثم يصلي ولا يتوضأ، والآخر: حديث "تصلي وإن قطر الدم على الحصير"، انتهى. وهذا الكلام بحروفه نقله الدارقطني بإسناده عن ابن معين، وقال البيهقي في "كتاب المعرفة": حديث حبيب بن أبي ثابت هذا ضعيف، ضعفه يحيى بن سعيد القطان. وعلي بن المديني. ويحيى بن معين، وقال سفيان الثوري: حبيب بن أبي ثابت لم يسمع من عروة بن الزبير شيئًا، ورواه حفص بن غياث عن الأعمش، فوقفه على عائشة، وأنكر أن يكون مرفوعًا، ووقفه أيضًا أسباط عن الأعمش، ورواه أيوب أبو العلاء عن الحجاج بن أرطأة عن أم كلثوم عن عائشة عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وهو أيضًا ضعيف لا يصح، ورواه عمار بن مطر عن أبي يوسف عن إسماعيل بن أبي خالد وهو ضعيف عن أبي يوسف، والذي عند الناس عن إسماعيل بهذا الإسناد موقوف، انتهى كلامه.
|